قوله جلّ ذكره: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.أي يقال لهم- والخطاب للمطيعين غداً-: أنتم يا أصحاب الإخلاص في أعمالكم؛ والصدق في أحوالكم: {لَكُمْ فِيهَ فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأُْكُلُونَ}.من الفاكهة الكثيرة تأكلون، وفي الأُنْس تتقبلون.قوله جل ذكره: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى عّذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}.هؤلاء هم الكفار المشركون، فهم أهل الخلود، لا يُفْتَّرُ عنهم العذاب ولا يُخَفَّف.وأمَّا أهل التوحيد: فقد يكون منهم قومٌ في النار. ولكن لا يخلدون فيها. ودليلُ الخطابِ يقتضي أنه يُفَتَّرُ عنهم العذاب. ورد في الخبر الصحيح: أنه لا يُميتهم الحقُّ- سبحانه- إماتةً إلى أن يُخْرِجَهم من النار- والميت لا يحسُّ ولا يتألم.{لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}.الإبلاس من الخيبة ويدل ذلك على أن المؤمنين لا يأس لهم فيها، وإن كانوا في بلائهم فهم على وصف رجائهم؛ يعدون أيامهم إلى أن ينتهي حسابهم.ولقد قال الشيوخ: إنَّ حالَ المؤمن في النار- من وجهٍ- أرْوَحُ لقلبه من حاله في الدنيا؛ فاليومَ- خوفُ الهلاك:، وغداً- يقينُ النجاة، وأنشدوا:عيبُ السلامةِ أنَّ صاحبَها *** متوقِّعٌ لقواصم الظَّهْرِوفضيلةُ البلوى تَرَقُّبُ أهلِها *** عقبَ الرجاء- مودةَ الدهرقوله جل ذكره: {وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلكِن كَانُواْ هُمُ الظَّالِمِينَ}.هذا الخطاب يُشْبِهُ كلمة العُذْر- وإن جلّ قَدْرُه- سبحانه- عن ذلك.